فصل: فصل فِي بَيَانِ اسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ أَوْ بَدَلِهَا وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ: وَيُسَلِّمُ) أَيْ: لِمَا مَرَّ مِنْ كَرَاهَةِ إفْرَادِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَعْدَ فَرَاغِهِ) أَيْ: وَلَوْ كَانَ اشْتِغَالُهُ بِذَلِكَ يُفَوِّتُ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ مَعَ الْإِمَامِ، أَوْ بَعْضَ الْفَاتِحَةِ، بَلْ، أَوْ كُلَّهَا ع ش.
(قَوْلُهُ: مِنْ الْأَذَانِ، أَوْ الْإِقَامَةِ) أَيْ، أَوْ الْإِجَابَةِ رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ يُسَنُّ لَهُ إلَخْ) أَيْ: لِكُلٍّ مِنْ الْمُؤَذِّنِ، وَالْمُقِيمِ وَسَامِعِهِمَا وَظَاهِرٌ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْإِجَابَةِ، وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالدُّعَاءِ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فَلَوْ تَرَكَ بَعْضَهَا سُنَّ أَنْ يَأْتِيَ بِالْبَاقِي ع ش.
(قَوْلُهُ: عَقِبَهُمَا) أَيْ: الصَّلَاةِ، وَالسَّلَامِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (اللَّهُمَّ) أَصْلُهُ يَا اللَّهُ حُذِفَتْ يَاؤُهُ وَعُوِّضَتْ عَنْهَا الْمِيمُ وَلِهَذَا امْتَنَعَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: هِيَ الْأَذَانُ) أَيْ: أَوْ الْإِقَامَةُ مُغْنِي وَشَرْحُ الْمَنْهَجِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (آتِ) أَيْ: أَعْطِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: إظْهَارُ الِافْتِقَارِ، وَالتَّوَاضُعِ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي وَشَرْحِ بَافَضْلٍ إظْهَارُ شَرَفِهِ وَعِظَمِ مَنْزِلَتِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) كَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عَلَى إلَيْهَا.
(قَوْلُهُ: «ثُمَّ سَلُوا» إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ» إلَخْ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَجِبُ لِأَحَدٍ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ الْوُجُوبُ فِيمَا ذُكِرَ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَإِنْ قُدِّرَ قَبُولٌ اُحْتِيجَ إلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّأْوِيلِ لَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَلَا ضَرُورَةَ تَدْعُو إلَيْهِ بَصْرِيٌّ أَقُولُ وَأَيْضًا لَوْ سَلِمَ فَالْوُجُوبُ هُنَا بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ أَيْ الْحُصُولُ، وَالثُّبُوتُ، وَالْمُرَاد بِهِ مُجَرَّدُ الْوَعْدِ بِفَضْلِهِ.
(قَوْلُهُ: وَحُذِفَ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ وَقَالَ الْمُغْنِي وَزَادَ فِي التَّنْبِيهِ بَعْدَ، وَالْفَضِيلَةَ «وَالدَّرَجَةَ الرَّفِيعَةَ» وَبَعْدَ وَعَدْته «يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ». اهـ. قَالَ الْكُرْدِيُّ وَفِي فَتْحِ الْبَارِي زَادَ فِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيّ «إنَّك لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ». اهـ.
(قَوْلُهُ: وَخَتَمَهُ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ، وَالدَّرَجَةَ الرَّفِيعَةَ.
(قَوْلُهُ: مِنْ الْمُنَكَّرِ) أَيْ وَمِنْ الْمُعَرَّفِ بِالْأَوْلَى قَالَ سم أَيْ، أَوْ نَعْتٌ لَهُ مَقْطُوعٌ فَإِنَّ النَّعْتَ الْمَقْطُوعَ تَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ لِلْمَنْعُوتِ تَعْرِيفًا وَتَنْكِيرًا وَلِذَا أَعْرَبُوا: {الَّذِي جَمَعَ مَالًا} نَعْتًا مَقْطُوعًا: {لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ}. اهـ. أَقُولُ: هَذَا دَاخِلٌ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي وَيَجُوزُ إلَخْ فَإِنَّهُ رَاجِعٌ لِلْمُنَكَّرِ أَيْضًا كَمَا هُوَ صَرِيحُ صَنِيعِ النِّهَايَةِ، ثُمَّ رَأَيْت قَالَ السَّيِّدُ الْبَصْرِيُّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ، أَوْ نَعْتٌ لِلْمُعَرَّفِ قَدْ يُوهِمُ اقْتِصَارَهُ فِي الْمُعَرَّفِ عَلَى مَا ذَكَرَ عَدَمَ تَأَتِّي الْبَدَلِيَّةِ فِيهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وَقَوْلُهُ يَجُوزُ إلَخْ مُتَأَتٍّ عَلَى كِلَا الْوَجْهَيْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ (هُنَا) أَيْ: فِي دُعَاءِ الْأَذَانِ.
(قَوْلُهُ: أَيْ كَسُجُودِ الصَّلَاةِ) وَهَلْ هُوَ بِطَهَارَةٍ سم.
(قَوْلُهُ: لَمَّا فَزِعُوا) أَيْ: أَهْلُ الْمَحْشَرِ وَهُوَ ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ الْمُتَصَدِّي.
(قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفُوا فِيهِ إلَخْ) أَيْ: فِي الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ (قَوْلُهُ: وَالْأَشْهَرُ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ كَمَا هُنَا.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ أُكِّدَ) أَيْ: إرَادَةُ الضِّدِّ.
(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ) إلَى قَوْلِهِ أَيْ لِلْخِلَافِ فِي النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ الدُّعَاءُ إلَخْ) وَأَنْ يَقُولَ الْمُؤَذِّنُ وَمَنْ سَمِعَهُ بَعْدَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ اللَّهُمَّ هَذَا إقْبَالُ لَيْلِك وَإِدْبَارُ نَهَارِك وَأَصْوَاتُ دُعَاتِك اغْفِرْ لِي وَبَعْدَ أَذَانِ الصُّبْحِ اللَّهُمَّ هَذَا إقْبَالُ نَهَارِك وَإِدْبَارُ لَيْلِك وَأَصْوَاتُ دُعَاتِك اغْفِرْ لِي وَآكَدُ الدُّعَاءِ كَمَا فِي الْعُبَابِ سُؤَالُ الْعَافِيَةِ فِي الدُّنْيَا، وَالْآخِرَةِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر بَعْدَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ أَيْ وَبَعْدَ إجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ، وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكُلٌّ مِنْ هَذِهِ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فَلَا يَتَوَقَّفُ طَلَبُ شَيْءٍ مِنْهَا عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ وَقَوْلُهُ م ر اغْفِرْ لِي عِبَارَةُ شَرْحِ الْبَهْجَةِ فَاغْفِرْ لِي وَقَوْلُهُ م ر سُؤَالُ الْعَافِيَةِ أَيْ كَانَ يَقُولُ اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا، وَالْآخِرَةِ ع ش عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ فَيَقُولُ اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك الْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي وَوَلَدِي. اهـ.
(قَوْلُهُ: بَيْنَ الْأَذَانِ، وَالْإِقَامَةِ) أَيْ: وَإِنْ طَالَ مَا بَيْنَهُمَا وَيَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ بِمُجَرَّدِ الدُّعَاءِ، وَالْأَوْلَى شَغْلُ الزَّمَنِ بِتَمَامِهِ بِالدُّعَاءِ إلَّا وَقْتَ فِعْلِ الرَّاتِبَةِ عَلَى أَنَّ الدُّعَاءَ فِي نَحْوِ سُجُودِهَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ دُعَاءٌ بَيْنَ الْأَذَانِ، وَالْإِقَامَةِ وَمَفْهُومُ كَلَامِ الشَّارِحِ م ر أَنَّهُ لَا يَطْلُبُ الدُّعَاءَ بَعْدَ الْإِقَامَةِ وَقَبْلَ التَّحَرُّمِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْ الْمُصَلِّي الْمُبَادَرَةُ إلَى التَّحَرُّمِ لِتَحْصُلَ لَهُ الْفَضِيلَةُ التَّامَّةُ ع ش.
(قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ لِلْمُؤَذِّنِ إلَخْ) وَيُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَتَحَوَّلَ مِنْ مَكَانِ الْأَذَانِ لِلْإِقَامَةِ وَلَا يُقِيمُ وَهُوَ يَمْشِي نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ تَأْخِيرُهَا) أَيْ: الْإِقَامَةِ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالْأَسْنَى وَيُسَنُّ أَنْ يَفْصِلَ الْمُؤَذِّنُ، وَالْإِمَامُ بَيْنَ الْأَذَانِ، وَالْإِقَامَةِ بِقَدْرِ اجْتِمَاعِ النَّاسِ فِي مَحَلِّ الصَّلَاةِ وَبِقَدْرِ فِعْلِ السُّنَّةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَيَفْصِلَ فِي الْمَغْرِبِ بَيْنَهُمَا بِنَحْوِ سَكْتَةٍ لَطِيفَةٍ كَقُعُودٍ يَسِيرٍ لِضِيقِ وَقْتِهَا وَلِاجْتِمَاعِ النَّاسِ إلَيْهَا عَادَةً قَبْلَ وَقْتِهَا وَعَلَى تَصْحِيحِ الْمُصَنِّفِ مِنْ اسْتِحْبَابِ سُنَّةِ الْمَغْرِبِ قَبْلَهَا يَفْصِلُ بِقَدْرِ أَدَائِهَا أَيْضًا. اهـ. وَسُئِلْت عَمَّا يَفْعَلُهُ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ مِنْ تَعْجِيلِ الصَّلَاةِ عَقِبَ دُخُولِ وَقْتِهَا وَلَا يَنْتَظِرُ لِمَنْ يُرِيدُ الْجَمَاعَةَ مِنْ أَهْلِ مَحَلَّتِهِ وَيُسْتَدَلُّ عَلَى ذَلِكَ بِإِطْلَاقِ قَوْلِ الْإِحْيَاءِ إنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْ الْإِمَامِ مُرَاعَاةُ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ الصَّلَاةَ لِانْتِظَارِ كَثْرَةِ الْجَمْعِ إلَخْ الْجَوَابُ أَنَّهُ يُسَنُّ لِلْإِمَامِ بَعْدَ تَيَقُّنِ دُخُولِ الْوَقْتِ، وَالْأَذَانِ عَقِبَهُ أَنْ يَنْتَظِرَ فِي غَيْرِ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ قَدْرَ مَا يَسَعُ عَادَةً لِفِعْلِ أَهْلِ مَحَلَّةِ الْمَسْجِدِ مَثَلًا لِأَسْبَابِ الصَّلَاةِ كَالطَّهَارَةِ، وَالسَّتْرِ وَرَاتِبَتِهَا وَلِاجْتِمَاعِهِمْ فِيهِ وَيَخْتَلِفُ مِقْدَارُهُ بِاخْتِلَافِ سَعَةِ الْمَحَلَّةِ، ثُمَّ بَعْدَ مُضِيِّ ذَلِكَ الْمِقْدَارِ يُصَلِّي بِمَنْ حَضَرَ وَإِنْ قَلَّ وَلَا يَنْتَظِرُ وَلَوْ نَحْوَ شَرِيفٍ عَالِمٍ فَإِنْ انْتَظَرَ كُرِهَ وَأَمَّا صَلَاةُ الْمَغْرِبِ فَيُصَلِّيهَا بَعْدَ تَيَقُّنِ دُخُولِ وَقْتِهَا وَمُضِيِّ مَا يَسَعُ أَذَانَهَا وَرَاتِبَتَهَا بِمَنْ حَضَرَ مِنْ غَيْرِ انْتِظَارٍ وَهَذَا خُلَاصَةُ مَا فِي التُّحْفَةِ، وَالنِّهَايَةِ، وَالْأَسْنَى، وَالْمُغْنِي وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ الْغَزَالِيِّ فِي الْإِحْيَاءِ وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمِقْدَارَ الَّذِي يَسَعُ عَادَةً مَا تَقَدَّمَ فِي غَيْرِ الْمَغْرِبِ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ عَنْ رُبُعِ سَاعَةٍ فَلَكِيَّةٍ فَيُنْدَبُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْتَظِرَ فِي غَيْرِ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ رُبُعَ السَّاعَةِ مُطْلَقًا، ثُمَّ إنْ اقْتَضَتْ سَعَةُ الْمَحَلَّةِ مَثَلًا زِيَادَةً عَلَيْهِ فَيَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ قَدْرَ مَا تَقْتَضِيهِ سَعَتْهَا بِحَيْثُ يَقَعُ جَمِيعُ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِ الْفَضِيلَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.فصل فِي بَيَانِ اسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ أَوْ بَدَلِهَا وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ:

(اسْتِقْبَالُ) عَيْنِ (الْقِبْلَةِ) أَيْ الْكَعْبَةِ وَلَيْسَ مِنْهَا الْحِجْرُ، وَالشَّاذَرْوَانُ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَهُمَا مِنْهَا ظَنِّيٌّ وَهُوَ لَا يُكْتَفَى بِهِ فِي الْقِبْلَةِ وَفِي الْخَادِمِ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْعَيْنِ الْجِدَارُ، بَلْ أَمْرٌ اصْطِلَاحِيٌّ أَيْ وَهُوَ سَمْتُ الْبَيْتِ وَهَوَاؤُهُ إلَى السَّمَاءِ، وَالْأَرْضِ السَّابِعَةِ وَالْمُعْتَبَرُ مُسَامَتَتُهَا عُرْفًا لَا حَقِيقَةً وَكَوْنُهَا بِالصَّدْرِ فِي الْقِيَامِ، وَالْقُعُودِ وَبِمُعْظَمِ الْبَدَنِ فِي الرُّكُوعِ، وَالسُّجُودِ وَلَا عِبْرَةَ بِالْوَجْهِ إلَّا فِيمَا يَأْتِي فِي مَبْحَثِ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ وَلَا بِنَحْوِ الْيَدِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (شَرْطٌ لِصَلَاةِ الْقَادِرِ) عَلَى ذَلِكَ لَكِنْ يَقِينًا بِمُعَايَنَةٍ، أَوْ مَسٍّ، أَوْ بِارْتِسَامِ أَمَارَةٍ فِي ذِهْنِهِ تُفِيدُ مَا يُفِيدُهُ أَحَدُ هَذَيْنِ فِي حَقِّ مَنْ لَا حَائِلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، أَوْ ظَنًّا فِيمَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حَائِلٌ مُحْتَرَمٌ، أَوْ عَجَزَ عَنْ إزَالَتِهِ كَمَا يَأْتِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} أَيْ عَيْنِ الْكَعْبَةِ بِدَلِيلِ «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ فِي وَجْهِ الْكَعْبَةِ وَقَالَ هَذِهِ الْقِبْلَةُ» فَالْحُصْرُ فِيهَا دَافِعٌ لِحَمْلِ الْآيَةِ عَلَى الْجِهَةِ وَخَبَرُ: «مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ، وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ» مَحْمُولٌ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ سَامَتَهُمْ وَقَوْلُ شُرَيْحٍ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ إلَى الْحَرَمِ جَازَ لِحَدِيثِ: «الْبَيْتُ قِبْلَةٌ لِأَهْلِ الْمَسْجِدِ، وَالْمَسْجِدُ لِأَهْلِ الْحَرَمِ، وَالْحَرَمُ لِأَهْلِ مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا» مَرْدُودٌ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ حُكْمًا وَحَدِيثًا لَا يُعْرَفُ وَصِحَّةُ صَلَاةِ الصَّفِّ الْمُسْتَطِيلِ مِنْ الْمَشْرِقِ إلَى الْمَغْرِبِ مَحْمُولٌ عَلَى انْحِرَافٍ فِيهِ، أَوْ عَلَى أَنَّ الْمُخْطِئَ فِيهِ غَيْرُ مُعَيَّنٍ؛ لِأَنَّ صَغِيرَ الْجَرْمِ كُلَّمَا زَادَ بُعْدُهُ اتَّسَعَتْ مُسَامَتَتُهُ كَالنَّارِ الْمُوقَدَةِ مِنْ بُعْدِ وَغَرَضِ الرُّمَاةِ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ يَلْزَمُ أَنَّ مَنْ صَلَّى بِإِمَامٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ قَدْرُ سَمْتِ الْكَعْبَةِ أَنْ لَا تَصِحَّ صَلَاتُهُ، وَالْمُرَادُ بِالصَّدْرِ جَمِيعُ عُرْضِ الْبَدَنِ كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ فَلَوْ اسْتَقْبَلَ طَرَفَهَا فَخَرَجَ شَيْءٌ مِنْ الْعُرْضِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ كَطَرَفِ الْيَدِ خِلَافًا لِلْقُونَوِيِّ عَنْ مُحَاذَاتِهِ لَمْ تَصِحَّ بِخِلَافِ اسْتِقْبَالِ الرُّكْنِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَقْبِلٌ بِجَمِيعِ الْعُرْضِ لِمَجْمُوعِ الْجِهَتَيْنِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ إمَامًا امْتَنَعَ التَّقَدُّمُ عَلَيْهِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا أَمَّا الْعَاجِزُ عَنْ الِاسْتِقْبَالِ لِنَحْوِ مَرَضٍ، أَوْ رَبْطٍ قَالَ الشَّارِحِ، أَوْ خَوْفٍ مِنْ نُزُولِهِ عَنْ دَابَّتِهِ عَلَى نَحْوِ نَفْسِهِ، أَوْ مَالِهِ، أَوْ انْقِطَاعًا عَنْ رُفْقَتِهِ إنْ اسْتَوْحَشَ بِهِ فَيُصَلِّي عَلَى حَسَبِ حَالِهِ، أَوْ يُعِيدُ مَعَ صِحَّةِ صَلَاتِهِ لِنُدْرَةِ عُذْرِهِ وَلَوْ تَعَارَضَ هُوَ، وَالْقِيَامُ قَدَّمَهُ؛ لِأَنَّهُ آكَدُ إذْ لَا يَسْقُطُ فِي النَّفْلِ إلَّا لِعُذْرٍ بِخِلَافِ الْقِيَامِ.
الشَّرْحُ:
(فصل):
(قَوْلُهُ: السَّابِعَةِ) هَلْ يَرْجِعُ أَيْضًا لِلسَّمَاءِ.
(قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَبَرُ مُسَامَتَتُهَا عُرْفًا لَا حَقِيقَةً) أَقُولُ: لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا قَالَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ حَيْثُ قَالَ لَوْ وَقَفَ صَفٌّ آخِرَ الْمَسْجِدِ بِحَيْثُ يَخْرُجُ بَعْضُهُمْ لَوْ قَرُبُوا عَنْ السَّمْتِ صَحَّتْ صَلَاتُهُمْ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَرُبُوا فَإِنَّهُ لَا تَصِحُّ صَلَاةُ مَنْ خَرَجَ عَنْ السَّمْتِ مَعَ الْقَطْعِ بِأَنَّ حَقِيقَةَ الْمُحَاذَاةِ لَا تَخْتَلِفُ فِي الْقُرْبِ، وَالْبُعْدِ فَتَعَيَّنَ أَنَّ الْمُتَّبَعَ فِيهِ حُكْمُ الْإِطْلَاقِ، وَالتَّسْمِيَةُ لَا حَقِيقَةُ الْمُسَامَتَةِ. اهـ. وَحِينَئِذٍ فَهَذَا لَا يَلْتَئِمُ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي إنَّ صِحَّةَ صَلَاةِ الصَّفِّ الطَّوِيلِ مَحْمُولٌ عَلَى انْحِرَافٍ فِيهِ، أَوْ عَلَى أَنَّ الْمُخْطِئَ غَيْرُ مُعَيَّنٍ فَتَأَمَّلْهُ وَبِالْجُمْلَةِ فَالْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ فَلْيُتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: إلَّا فِيمَا يَأْتِي) حَاصِلُ مَا يَأْتِي وُجُوبُ الِاسْتِقْبَالِ بِالْوَجْهِ وَمُقَدَّمِ الْبَدَنِ فِي حَقِّ الْمُصَلِّي لِجَنْبِهِ وَبِالْوَجْهِ فِي حَقِّ الْمُصَلِّي مُسْتَلْقِيًا مَعَ مُنَازَعَةٍ فِي وُجُوبِ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا بِنَحْوِ الْيَدِ) قَدْ يَدْخُلُ الْقَدَمَانِ وَعَلَيْهِ فَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ قَدَمَيْهِ خَارِجَ مُحَاذَاتِهَا مَعَ اسْتِقْبَالِهَا بِصَدْرِهِ وَبَقِيَّةِ بَدَنِهِ أَجْزَأَ وَهُوَ مُسْتَبْعَدٌ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ: لِحَدِيثِ الْبَيْتِ قَبْلَهُ) قَضِيَّةُ اسْتِدْلَالِهِ بِالْحَدِيثِ صِحَّةُ تَعَمُّدِ اسْتِقْبَالِ الْحَرَمِ خِلَافَ تَقْيِيدِهِ بِالْخَطَأِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى أَنَّ الْمُخْطِئَ فِيهِ غَيْرُ مُعَيَّنٍ) هَذَا لَا يَصِحُّ فِيمَا إذَا امْتَدَّ صَفٌّ مِنْ حِرَاءَ إلَى ثَوْرٍ وَكَانَ الْإِمَامُ طَرَفَ هَذَا الصَّفِّ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ لِأَنَّ الْإِمَامَ وَمَنْ بِالطَّرَفِ الْآخَرِ خَارِجَانِ عَنْ مُحَاذَاةِ الْكَعْبَةِ لَا يُقَالُ الْمُرَادُ الْمُخْطِئِ عَنْ الْمُحَاذَاةِ اسْمًا لَا حَقِيقَةً؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَا مُخْطِئَ بِهَذَا الْمَعْنَى فِي هَذَا الْفَرْضِ أَيْ إنَّ الصَّفَّ مِنْ الْمَشْرِقِ لِلْمَغْرِبِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ صَغِيرَ الْجَرْمِ إلَخْ) كَانَ وَجْهُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ اتِّسَاعَ الْمُسَامَتَةِ عِنْدَ زِيَادَةِ الْبُعْدِ تُوجِبُ عُمُومَ الْمُحَاذَاةِ مَعَ الِانْحِرَافِ وَتُوجِبُ عَدَمُ تَعَيُّنِ الْمُخْطِئِ؛ لِأَنَّ اتِّسَاعَ الْمُسَامَتَةِ تَقْتَضِي انْغِمَارَهُ فِي غَيْرِهِ فَلَا يَتَعَيَّنُ مَعَ هَذَا مَعَ أَنَّ الْوَجْهَ أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ إنَّمَا يُنَاسِبُ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ حُكْمُ الْإِطْلَاقِ، وَالتَّسْمِيَةِ لَا حَقِيقَةُ الْمُسَامَتَةِ فَتَأَمَّلْهُ.